قصة سيدنا يونس في بطن الحوت - كنز المعلومات

مدونة علمية متخصصة بشتي المجالات التقنية , السفر , السياحة , الرجل , المرأة , تنمية بشرية , الصحة , المطبخ , ديكور , موضة , دين

728x90

الجمعة، 24 سبتمبر 2021

قصة سيدنا يونس في بطن الحوت

 

تعتبر قصة سيدنا يونس في بطن الحوت من القصص الجميلة التي تحمل في طياتها عبرات، وحكم كثيرة عن التوكل على الله، والاعتماد عليه، وفضل الدعاء في النجاة من المهالك.

سيدنا يونس

يتصل نسب سيدنا يونس بنسل بنيامين شقيق يوسف عليه السلام، وهو المٌلقب بصاحب الحوت، وقد أوحى الله إليه، قال تعالى: “وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ”، وجعله من الصالحين الذين فضّلهم على العالمين، وقال الله تعالى: “وَإِسماعيلَ وَاليَسَعَ وَيونُسَ وَلوطًا وَكُلًّا فَضَّلنا عَلَى العالَمينَ”.


وقد تم ذُكر اسم سيدنا يونس عليه السلام في أربع آيات مختلفة في القرآن الكريم، كما توجد أيضًا سورةًباسمه فيه، وهي سورة يونس، وصاحب الحوت هو اسم أيضًا يخص سيدنا يونس، وكذلك اسم ذي النّون، وهو يعني الحوت الذي قام بابتلاعه لفترة من الزمن وظل حيًا بفضل الله.

قوم سيدنا يونس

قبل الدخول في قصة سيدنا يونس في بطن الحوت ، علينا أن نعلم ماذا حدث قبل أن يبتلعه الحوت، وما السبب في ذلك، ولنعرف ذلك سنتناول القصة منذ البداية ونعرف من هم قوم سيدنا يونس، وهل لهم دخل في التقام الحوت له.

بعث الله سيدنا يونس (عليه السلام) إلى بلدة في العراق تٌدعى نينوا، وكان هؤلاء القوم قد انتشر بينهم الشرك بالله، فقد كان هؤلاء القوم يعبدون الأصنام، فأرسل الله إليهم سيدنا يونس حتى يقوم بإرشادهم لعبادة الله وحده، وظل يدعوهم فترة طويلة، ولكنهم كفروا بوجود الله، وكذبوا يونس.

وأصر هؤلاء القوم على الاستمرار في عبادة الأصنام حتى بعد أن دعاهم سيدنا يونس، وحذرهم من غضب الله تعالى عليهم بسبب أفعالهم، وقد كان من بين الأصنام التي يعبدها هؤلاء القوم صنم مقدس لديهم يُدعى عشتار.

ويقول المفسرون أن سيدنا يونس ظل يدعوا قومه لعبادة الله الواحد الأحد لمدة ثلاثًا وثلاثين عامًا، ولم يستجيب له من كل هؤلاء القوم سوى رجلين اثنين، ولهذا فقد شعر يونس (عليه السلام) بيأس رهيب قد سيطر عليه تجاه قومه، وفقده الأمل فيأن يعودوا عن أفعالهم.

وحتى بعد أن أنذرهم بأنهم إن لم يعودوا عن ذلك، ويؤمنوا بالله الواحد القهار سينزل عليهم عقابه، وأعطاهم سيدنا يونس مهلة ثلاثة أيام، ولما لم يجد منهم أية بوادر لاستجابتهم، تركهم، وغادر المكان، معتقدًا أنه بذلك أدى ما طٌلب منه، وأن الله لن يؤاخذه بذلك.

وبعد أن خرج من تلك البلدة بدأ العقاب والعذاب الذي أنذرهم به بأنه قادم يحلّ عليهم، وأصابهم من جراء ذلك الخوف والفزع، ولهذا آمنوا بالله جميعهم، ولم يبق في القرية إنسانًا واحدًا لم يؤمن بالله، وجعلوا يسجدون ويدعون الله ويبكون لله بأن يزيح عنهم الغمة ويستجيب لهم.

وكان من علمهم طريقة للتوبة إلى الله هو رجل عجوز مؤمن وقد أرشدهم إلى طريق التوبة إلى الله تعالى، وكانت تلك الطريقة أنهم قاموا بجمع كل من كان في القرية من الكبير إلى الصغير، وقد قاموا بوضع الرماد على رؤوسهم، بعد أن ارتدوا الثياب المهترئة حتى يتجردوا من كل زينة في الدنيا، وتواضعوا لله سبحانه وتعالى، وأقبلوا جميعًا عليهفي مشهد رائع تقشعر له الأبدان، فقد كانوا يبكون ويتضرعون إلى الله بأن يصرف عنهم هذا العذاب، ويتقبل توبتهم ويسامح تقصيرهم وجهلهم، وقد تقبل الله منهم ذلك. 

قصة يونس في بطن الحوت

عندما خرج سيدنا يونس (عليه السلام) ذهب إلى قومٍ كانوا يهمون بركب مركبهم، وركب معهم، وعندما وصلت تلك السفينة وهم على متنها إلى منتصف البحر، بدأ البحر يهيج ويموج وكانت السفينة على وشك أن تغرق، فقرروا إلقاء أحدهم في البحر لتخفيف من حمل السفينة.

وقاموا لذلك بعمل قرعة ليستطيعوا اختيار الشخص الذي سيقومون بإلقائه في البحر، وقد خرج السهم الخاص بسيدنا يونس عليه السلام، ولكنهم لم يرغبوا بإلقائه في البحر لأنهم توسموا فيه الخير والصلاح، وقد قرروا إجراء القرعة عدة مرات، وكانت كل مرة تخرج باسمه.

فلم يعترض سيدنا يونس (عليه السلام) أبدًا على قضاء الله،وألقى بنفسه في عرض البحر، وكانت ثقته في الله كبيرة، وليس لها حدود، ظنّ أنّ الله سبحانه وتعالى سيجعله ينجو من هذه المحنة، وبالفعل حدث هذا فقد قام حوت بابتلاعه بأمر الله تعالى.

ولمّا أصبح سيدنا يونس في بطن هذا الحوت كان يظن أنه توفاه الله، ولكنه وجد أنه حي يٌرزق عندما حرّك يديه، وقدميه فوجد أنهما يستجيبان له، فسجد لله تعالى شاكرًا على أنه لم يحدث له سوء ونجاه بفضله ورحمته سبحانه.

بقي يونس في بطن الحوت لمدة ثلاثة أيّام، وكان في خلال ذلك يسمع بعضًا من الأصوات الغريبةً عليه، والتي لم يستطيع فهمها وتفسيرها، ولا معرفة من أين تأتي فهو في عرض البحر، فأوحى الله تعالى له أنّها تسبيح مخلوقات البحر، فأصبح هو أيضًا يٌسبّح الله تعالى.

وكان سيدنا يونس ملازمًا على قول الدعاء المأثور عنه في الكرب والشدائد: “لا إله إلّا أنت، سُبحانك إنّي كنت من الظّالمين” وبعد أن عفا الله عنه سوء عمله أمر الحوت الذي قام بابتلاعه بأن يقذف به على منطقة ما معزولة على اليابسة.

وكان الله قد أنبت له عليها شجرة من اليقطين ليستظلّ بظلها، فلا تصيبه الشمس بمكروه في هذه الجزيرة النائية، وأن يأكل من ثمرها، حتى كتب الله له النجاة من ذلك المكان أيضًا.

العبر والحكم المستفادة من قصة يونس في بطن الحوت


عدم الاستعجال أوالتهور في اتخاذ القرارات المصيرية حيث قال الله تعالى: “وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ”.

يجب علينا عدم الغضب، فخروج سيدنا يونس عليه السلام وتركه لقومه كان بسبب غضبه الشديد عليهم، وعلى حالهم الميؤوس منه.

الصبر فهو كما يٌقال عنه مفتاح الفرج، وهو طريق تحقيق الغايات التي تأخّر ظهورها، والداعي إلى الله تعالى عليه أن يكون صبورًا في دعوته.

الإكثار من التسبيح بالصيغة الآتية: “لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ” أثناء وجود يونس في بطن الحوتفهي جامعة لكل الأذكار، ففيها تسبيح واستغفار، وتوحيد.

والدليل على أثر تلك الدعوة في استجابة الدعاء قول رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم): “دَعْوةُ ذي النُّونِ إذ دَعا وهو في بطْنِ الحُوتِ: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يَدْعُ بها رجُلٌ مُسْلِمٌ في شَيءٍ إلا اسْتجاب اللهُ لَهُ”.